شرح حديث
فاتقوا الدنيا واتقوا النساء
- زيد بن محمد المدخلي رحمه الله -
أما بعد:
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء رواه مسلم الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه في هذا الحديث موعظة نبوية ممن وصفه الله تبارك وتعالى بقوله الحق لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليهما عنثتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف الرحيم فبين في هذا الحديث الصحيح حقيقة الدنيا وأنها حلوة خضرة تستهوي النفوس وتميل إليها وإلى خطامها وملذاتها النفوس الأمارة بالسوء وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أننا مستخلفين في هذه الدنيا وجدت الخلائق من عالم الإنس والجن في هذه الدنيا للعمل لأنها دار عمل لذا قال فينظر ماذا تعملون والجزاء من جنس العمل فمن يعمل مثقال ذرة خير يرى ومن يعمل مثقال ذرة شر يرى وخير زاد يتزود به المكلف من عالم الإنس والجن من هذه الدنيا التي استخلفنا الله فيها هو تقوى الله تبارك وتعالى التي تتجلى في امتثال أوامره واجناب نواهيه وإحلال ما أحل وتحريم ما حرم والرهب فيما رغب فيه والرهب مما رهب منه ثم ختم هذه الموعظة الجليلة بقوله فاتقوا الدنيا واتقوا النساء يعني لا يجوزلكم أن تفتنكم دنياكم بما لذاتها وشهواتها فهي كما وصفها الله متاع الغرور واتقوا النساء لأن النساء من الفتن التي يفتن بها الرجال فيقع منهم المخالفة الوقوع في الحرام بالزن الأكبر أو الزن الأصغر والزن الأكبر الفعل الفاحشة حقيقة والأصغر بالنظر ونحوه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم العينان تزن وزناهما النظر واللشان يزني وزناها النطق والأذن تزني وزناها السمع فحذر النبي صلى الله عليه وسلم من فتنة الدنيا وفتنة النساء وأخبر أن في من سبق لنا عضة وعبرة إذ أن أول فتنة بني إسرائيل صارت في النساء حتى عدلنا عن الحق وعن مراد الله تبارك وتعالى ووقعنا في موجبات سخطي الله تبارك وتعالى إذ كان الأمر كذلك فعل المسلم أن يتخذ الزاد الذي يقربه إلى الله تبارك وتعالى من دنيا العمل وهو في دنيا العمل فإذا ارتحل فارقت الروح الجسد طويت صحيفة العمل ووضعت في عنقه حتى يبعث يوم القيامة وكل شيء مدون من خير وشر كما قال المولى الكريم وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا وبين الله أن الخلائق يأخذون كتبهم منهم من يأخذون كتبهم باليمين ومنهم من يأخذون كتبهم بالشمال من وراء الظهر وذلك بحسب ما أسلفوه في حياة العمل فالواجب التزود في حياة العمل بصالح العمل ليلقى العبد ربه وهو عنه راضي فيكرمه بجنة أرض كأرض الشماء والأرض نعم
