حجاب المرأة المسلمة
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا، وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، الَّذِي أَرْسَلَهُ رَبُّهُ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا، أمَّا بَعْدُ:
فهذه نصيحة موجزة أُقدِّمها لأختي المسلمة الكريمة ،حول التبرُّج وأثره في المجتمع، ومشروعية الحجاب وفضائله، فأقول وبالله التوفيق:
قال تعالى: ﴿ يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 27].
قال ابن كثير: يحذر تعالى بني آدم من إبليس وقبيله، مبينًا لهم عداوته القديمة لأبي البشر آدم عليه السلام في سعيه في إخراجه من الجنة التي هي دار النعيم إلى دار التعب والعناء، والتسبب في هتك عورته بعد ما كانت مستورة، وما هذا إلا عن عداوة أكيدة؛ (تفسير ابن كثير، ج6، ص280).روى مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((صنفان من أهل النار لم أَرَهُما: قوم معهم سِياط ٌ كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رُؤُوسُهن كأسنمة البُخت المائلة، لا يدخلنَ الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا))؛ (مسلم، حديث 2128)
قال الإمام النووي: "هذا الحديث من معجزات النبوة، فقد وقع هذان الصنفان، وهما موجودان، وفيه ذم هذين الصنفين. قيل: كاسيات من نعمة الله، عاريات من شكرها، وقيل: معناه تستر بعض بدنها وتكشف بعضه، إظهارًا لجمالها ونحوه، وقيل معناه: تلبس ثوبًا رقيقًا يصف لون بدنها، وأما المائلات: فقيل معناه عن طاعة الله وما يلزمهن حفظه، مميلات؛ أي: يُعلمن غيرهن فعلهن المذموم. وقيل: مائلات يمشين متبخترات، مميلات لأكتافهن. وقيل: مائلات، يُمشطن المشطة المائلة، وهي البغايا، مميلات: يمشطن غيرهن تلك المشطة. ومعنى رؤوسهن كأسنمة البُخت؛ أي: يكبرنها ويعظمنها بلف عِمامة أو عصابة أو نحوها"؛ (مسلم بشرح النووي، ج7، ص363).
قال سبحانه وتعالى: ﴿ يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ [الأحزاب: 32، 33].
إن المرأة إذا خرجت من بيتها وتعمدت إظهار زينتها ومحاسنها لفتنة الرجال، كانت من الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، وقد توعَّدها الله بعذاب أليم يوم القيامة؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النور: 19].
أختي المسلمة، يا من تحبين الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، يا من ترددين خلف المؤذن خمس مرات في اليوم والليلة: أشهد أن لا إله إلا الله- أي: لا معبود بحق في هذا الكون إلا الله- يا من ترددين أيضًا: أشهد أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم- أي: لا متبوع بحق إلا النبي صلى الله عليه وسلم- اعلمي أن الله الذي خلقكِ ورزقكِ الصحة، قد فرض عليك الحجاب؛ صيانةً لكِ وحفظًا لكرامتكِ من أعين الرجال، فأنت كالجوهرة الثمينة المكنونة إذا حافظتِ على حِجابكِ وسترتِ عَورتكِ وحرصتِ على طاعة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.
احذري أن يخدعوكِ يا بنتَ الإسـلام لقد اختلف مفهوم الحجاب عند كثير من المسلمات في الوقت الحاضر، فأصبح الحجاب عنوانًا للزينة، وأخذت الصحف والمجلات تتسابق لنشر أحدث موضات الحجاب، فأصبح زينة في حد ذاته، مجسمًا لعَورة المرأة التي أمر الله بسترها وفتنة للرجال، الذين يحولون أبصارهم نحو المرأة التي ترتديه؛ فاحذري أختي المسلمة أن يخدعكِ الناس بهذه الثياب التي تغضب الرحمن- تحت مسمى الحجاب- وذلك بدعوى مسايرة التقدم والحضارة الحديثة في العالم.
شــروط الحجـاب الشـرعـي
إن حجاب المرأة من محاسن الشريعة الإسلامية الغراء؛ لذا يجب على كل مسلمة أن تعتني بحجابها، ولا ترتدي إلا ثوبًا يرضى عنه الله تعالى، وإن غضب الناس.
وشروط الحجاب الشرعي الذي فرضه الله على المرأة المسلمة، هي:
1ـ استيعاب جميع البدن.
2ـ ألَّا يكون الحجاب زينة في نفسه.
3ـ أن يكون سميكًا، لا يشف، ولا يُظهر ما تحته.
4ـ أن يكون واسعًا فضفاضًا، لا يحدد شيئًا من جسد المرأة.
5 ـ ألَّا يكون الثوب معطرًا.
6 ـ ألَّا يشبه ملابس الرجال المعتادة.
7 ـ ألَّا يكون الحجاب لباس شهرة.
8 ـ ألَّا يشبه ثياب غير المسلمات؛ (حجاب المرأة المسلمة للألباني، ص 15).
﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ﴾
أختي المسلمة، يا من تريدين شفاعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، كلما هممتِ أن تخرجي من بيتك وأنت متبرجة أو مرتدية حجاب الموضة، تذكري قول الله تعالى: ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ﴾ [الصافات: 24]، واعلمي أنك ستقفين للحساب وحدك أمام الله تعالى يوم القيامة، وسوف يسألك عن حجابكِ الذي فرضه عليك، فهل أعددت لهذا السؤال جوابًا؟!
وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نبينا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ، وَأَصْحَابِهِ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.
اخوكم / ياسين السويدي